فصل: الشاهد الثاني والخمسون بعد السبعمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.الخبر عن الأثبج وبطونهم من هلال بن عامر من هذه الطبقة الرابعة.

كان هؤلاء الأثبج من الهلاليين أوفر عددا وأكثر بطونا وكان التقدم لهم في جملتهم وكان منهم الضحاك وعياض ومقدم والعاصم والطيف ودريد وكرفة وغيرهم حسما يظهر في نسبهم وفي دريد بطنان توبة وعنز ويقولن بزعمهم إن أثبج هو ابن ربيعة ابن نهيك بن هلال فكرفة هو ابن الأثبج وكان لهم جمع وقوة وكانوا أحياء غزيرة من جملة الهلاليين الداخلين لأفريقية وكانت مواطنهم حيال جبل أوراس من شرقية ولما استقر أمر الأثبج بأفريقية على غلب صنهاجة على الضواحي ووقعت الفتنة بينهم ولذلك أن حسن بن سرحان وهو من دريد قتل شبانة بن الأحمير من كرفة غيلة فطوت كرفة له على الهائم.
ثم إن أخته الجازية غاضبت زوجها ماضي بن مقرب بن قرة ولحقت بأخيها فمنعها منه فاجتمعت قرة وكرفة على فتنة حسن وقومه وظاهرتهم عياض ولم تزل الفتنة إلى أن قتل حسن بن سرحان قتله أولاد شبانة بن الأحيمر وثأروا منه بأبيهم ثم كان الغلب بعده لدريد على كرفة وعياض وقرة واستمرت الفتنة بين هؤلاء الأمالح وافترق أمرهم وجاءت دولة الموحدين وهم على ذلك الشتات والفتنة وكانت لبطونهم ولاية لصنهاجة فلما ملك الموحدون أفريقية نقلوا منهم إلى المغرب العاصم ومقدما وقرة وتوابع لهم من جشم وأنزلوا جميعهم بالمغرب كما نذكر واعتزت رياح بعدهم بأفريقية وملكوا ضواحي قسنطينة ورجع إليهم شيخهم مسعود بن زمام من المغرب فاعتز الزواودة على الأمراء والدول وساء أثرهم فيها وغلبوا بقايا الأثابج فنزلوا قرى الزاب وقعدوا عن الطعن وأوطنوا بالقرى والآطام ولما نبذ بنو أبي حفص العهد للزواودة كما يأتي في أخبارهم واستجاش عليهم بنو سليم وأنزلوهم القيروان اصطنعوا كرفة من بطون الأثابج فكانوا حربا لرياح وشيعة للسلطان وأقطعتهم الدولة لذلك جباية الجانب الشرقي من جبل أوراس وكثيرا من بلاد الزاب الشرقية حيث كانت محلاتهم الشتوية حتى إذا اختل ريح الدولة وأخلقت جدتها واعتزت رياح عليها وملكوا المجالات على من يظعن فيها نزل كرفة هؤلاء بجبل أوراس حيث إقطاعاتهم وسكنوه حللا متفرقة واتخذوه وطنا وربما يظعن بعضهم إلى تخوم الزاب كما نذكر عن بطونهم وهم بطون كثيرة فأولهم: بنو محمد بن كرفة ويعرفون بالكلبية وأولاد سهيب بن محمد بن كليب ويعرفون بالشبه وأولاد صبيح بن فاضل بن محمد بن كليب ويعرفون بالصبحة وأولاد سرحان بن فاضل أيضا ويعرفون بالسرحانية وهؤلاء هم المودعات وهم موطنون بجبل أوراس مما يلي زاب تهودا ثم أولاد نافت بن فاضل وهم أهل الرياسة في كرفة ولهم أقطاعات السلطان التي ذكرناها وهم ثلاثة أفخاذ: أولاد مساعد وأولاد ظافر وأولاد قطيفة والرياسة أخص بأولاد مساعد في أولاد علي بن جابر بن فتاح بن مساعد بن نابت وأما بنو محمد والمروانة فهم ظواعن جائلة في القفار تلقاء مواطن أولاد نابت ويكتالون الحبوب لأقواتهم من زروع أهل الجبل وأولاد نابت وربما يستعملهم صاحب الزاب في تصاريف أمره من عسكر وإخفار وغير ذلك من أعراضه وأما دريد فكانوا أعز الأثبج وأعلاهم كعبا بما كانت الرياسة على الأثبج كلهم عند دخولهم إلى أفريقية لحسن بن سرحان بن وبرة إحدى بطونهم وكانت مواطنهم ما بين ولد العناب إلى قسنطينة إلى طارف مصقلة وما يحاذيها من القفر وكانت بينهم وبين كرفة الفتنة التي هلك فيها حسن بن سرحان كما ذكرناه وقبره هنالك وكانوا بطونا كثيرة منهم أولاد عطية بن دريد وأولاد سرور بن دريد وأولاد جار الله من ولد عبد الله بن دريد وتوبة من ولد عبد الله أيضا وهو توبة بن جبر ابن عطاف بن عبد الله وكانت لهم بين هلال رياسة كثيرة ومدحهم شعراؤهم بشعر كثير فمن ذلك قول بعض شعرائهم:
دريد ذات سراة البد وللجود منقع ** كما كل أرض منقع الماء خيارها

تحن إلى أوطان مرة ناقتي لكن معها ** جملة دريد كان موارها

وهم عربوا الأعراب حتى تعربت ** بنوف المعالي ما ينفي قصارها

وتركوا طريق النار برهة وقد ** كان ما تقوى المطايا حجارها

فأما أولاد عطية فكانت رياستهم في أولاد بني مبارك بن حباس وكانت لهم تلة ابن حلوف من أرض قسنطينة ثم دثروا وتلاشوا وغلبتهم توبة على تلة ابن حلوف زحفوا إليها من مواطنهم بطارق مصقلة فملكوها وما إليها ثم عجزوا عن رحلة القفر وتركوا الإبل واتخذوا الشاء والبقر وصاروا في عداد القبائل الغارمة وربما طالبهم السلطان بالعسكرة معه فيعينون له جندا منهم ورياستهم في أولاد وشاح بن عطوة بن عطية ابن كمون بن فرج بن ثوبة وفي أولاد مبارك بن عابر بن عطية بن عطوة وهم على ذلك لهذا العهد ويجاورهم أولاد سرور وأولاد جار الله على سننهم في ذلك.
فأما أولاد وشاح فرياستهم لهذا العهد منقسمة بين سجم بن كثير بن جماعة بن وشاح وبين أحمد بن خليفة بن رشاش بن وشاح وأما أولاد مبارك بن عابد فرياستهم أيضا منقسمة بين نجاح بن محمد بن منصور بن عبد بن مبارك وعبد الله بن أحمد بن عنان بن منصور ورثها عن عمه راجح بن عثمان بن منصور وأما أولاد جار الله فرياستهم في ولد عنان بن سلام منهم وأما العاصم ومقدم والضحاك وعياض فهم أولاد مشرف بن أثبج ولطيف وهو ابن سرح بن مشرف وكان لهم عدد وقوة بين الأثابج وكان العاصم ومقدم انحرفوا عن طاعة الموحدين إلى ابن غانية فأشخصهم يعقوب المنصور إلى المغرب وأنزلهم تامستا مع جشم ويأتي خبرهم وبقيت عياض والضحاك بمواطنهم بأفريقية فعياض نزلوا بجبل القلعة قلعة بني حماد وملكوا قبائله وغلبوهم على أمرهم وصاروا يتولون جبايتهم ولما غلبت عليهم الدولة بمظاهرة رياح صاروا إلى المدافعة عن تلك الرعايا وجبايتهم للسلطان وسكنوا ذلك الجبل فطوله من المشرق إلى المغرب ما بين ثنية غنية والقصاب إلى وطن بني يزيد بن زغبة فأولهم مما يلي غنية للمهاية ورياستهم في أولاد ديفل ومعهم بطن منهم يقال لهم الزير وبعدهم المرتفع والخراج من بطونهم.
فأما المرتفع فثلاثة بطون: أولاد تبان ورياستهم في أولاد محمد بن موسى وأولاد حناش ورياستهم في بني عبد السلام وأولاد عبدوس ورياستهم في بني صالح ويدعى أولاد حناش وأولاد تبار جميعا أولاد حناش وأما الخراج فرياستهم لأولاد زائدة بني عباس بن خفير ويجاور الخراج من جانب الغرب أولاد صخر وأولاد رحمة من بطون عياض وهم مجاورون لبني يزيد بن زغبة في آخر وطن الأثابج من الهلاليين وأما الضحاك فكانوا بطونا كثيرة وكانت رياستهم مفترقة بين أميرين منهم وهما أبو عطية وكلب بن منيع وغلب كلب أبا عطية على رياسة قبيلتهما الأول دولة الموحدين فارتحل فيما زعموا إلى المغرب وسكن صخر سجلماسة وكانت له فيها آثار حتى قتله الموحدون أو غربوه إلى الأندلس هكذا ينقل أصحاب أخبارهم وبقي تجمعهم بالزاب حتى غلب مسعود بن زمام والزواودة عليهم وأصاروهم في جملتهم ثم عجزوا عن الطعن ونزلوا بلاد الزاب واتخذوا بها المدن فهم على ذلك لهذا العهد وأما لطيف فهم بطون كثيرة منهم اليتامى وهم أولاد كسلان بن خليفة بن لطيف بني ذوي مطرف وذوي أبي الخليل وذوي حلال بن معافى ومنهم اللقامنة أولاد لقمان بن خليفة بن لطيف ومنهم: أولاد جرير بن علوان بن محمد بن لقمان ونزار بن معن بن محيا وإليه يرجع نسب بني مزنى الولاة بالزاب لهذا العهد وكانت لهؤلاء كثرة ونجعة ثم عجزوا عن الطعن وغلبهم على الضواحي الزواودة من بعدهم لما قل جمعهم وافترق ملوكهم وصار إلى المغرب من صار منهم من جمهور الأثبج فاهتضموا وعليهم رياح والزواودة فنزلوا بلاد الزاب واتخذوا بها الآطام والمدن مثل الدوسن وغريبوا وتهدوه ونقموه وبادس وهم لهذا العهد من جملة الرعايا الغارمة لأمير الزاب ولهم عجمة منذ رياستهم القديمة لم يفارقوها وهم على ذلك العهد وبينهم في قصورهم بالزاب فتن متصلة بين المتجاورين منهم وحروب وقتل وعامل الزاب يدرأ بعضا ببعض ويستوفي جبايته منهم جميعا والله خير الوارثين.
ويلحق بهؤلاء الأثبج العمور وغلب على الظن أنهم من ولد عمرو بن عبد مناف بن هلال أخوة قرة بن عبد مناف وليسوا من ولد عمر بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال لأن رياحا وزغبة والأثبج من أبي ربيعة ولا نجد بينهم انتماء بالجملة ونجد بينهم وبين قرة وغيرهم من بطون هلال الانتماء دل على أنهم لعمرو بن عبد مناف أو يكونون من عمر بن روينة بن عبد الله بن هلال وكلهم معروف ذكره ابن الكلبي والله أعلم بذلك وهم بطنان: قرة وعبد الله وليس لهم رياسة على أحد من هلال ولا ناجعة تظعن لقلتهم وافتراق ملتهم إنما هم ساكنون بالضواحي والجبال وفيهم الفرسان وأكثرهم رجالة ومواطنهم ما بين جبل أوراس شرقا إلى جبل راشد وكان كل ذلك من ناحية المصنة والصحراء وأما التلول فهم مرفوعون عنها بقلتهم وخوفهم من حامية الدول فتجدهم أقرب إلى موطن القفر والجدب.
فأما بنو قرة منهم فبطن متسع إلا أنهم مفترقون في القبائل والمدن وحدانا وبنو عبد الله منهم على رياسة فيهم وهم: عبد الله بن علي وبنوه محمد وماضي بطنان وولد محمد عنان وعزيز بطنان وولد عنان شكر وفارس بطنان من ولد شكر أولاد يحيى ابن سعيد بن بسيط بن شكر بطن أيضا فأما أولاد فارس وأولاد عزيز وأولاد ماضي فموطنهم بسفح جبل أوراس المطل على بسكرة قاعدة الزاب متصلين كذلك غربا إلى مواطن غمرة وهم في جوار رياح وتحت أيديهم وخول لأولاده وخصوصا من الزواودة المتولين موطنهم بالمجال لصاحب الزاب عليهم طاعة لقرب جواره وحاجتهم إلى سلطانه فيصرفهم لذلك في حاجته متى عنت من إخفار العير ومقارفة مدن الزاب مع رجله وغير ذلك.
وأما أولاد شكر وهم أكبر رياسة فيهم فنزلوا جبل راشد وكانوا فريقين فنزلوا واحتربوا وغلب اولاد محيا بن سعيد منهم أولاد زكرير ودفعوهم عن جبل راشد فصاروا إلى جبل كسال محاذيه من ناحية الغرب وأوطنوه واتصلت فتنتهم معهم على طول الأيام وافتتحهم رجال زغبة باقتسام المواطن فصار أولاد يحيى أهل جبل راشد في إيالة سويد بن زغبة وأحلافا لهم وأولاد ذكرى أهل جبل كسال في إيالة بني عامر وأحلافا لهم وربما يقتحمون بادية زغبة مع أهل المصر أحلافا لهم في فتنتهم كما نذكر في أخبار زغبة وكان شيخهم من أولاد يحيى فيما قرب من عهدنا عامر بن أبي يحيى بن محيا وكان له فيهم ذكر وشهرة وكان ينتحل العبادة وحج ولقي بمصر شيخ الصوفية لعصره يوسف الكوراني وأخذ عنه لقن طرق هدايته ورجع إلى قومه وعاهدهم على طريقته ونحلته فاتبعه الكثير منهم وغزا المفسدون من بادية النضر في جواره وجاهدهم إلى أن اغتالوا بعض الأيام في الصيد فقتلوه وكان شيخ أولاد زكرير يغمور بن موسى بن بوزير بن زكرير وكان يسامي عامرا ويناهضه في شرفه إلا أن عامرا كان أسود منه بنحلة العبادة والله مصرف الأمور والخلق.